إنها حقا الديمقراطية على الطريقة الأمريكية، فقد أثبت تقريرا أصدرته جريدة بريطانية أن الحرب المزعومة التي تقودها الولايات المتحدة على ما يسمى بـالإرهاب أسفرت عن مقتل أكثر من 62 ألف شخص على الأقل بينهم نحو 55 ألف مدني قتلوا مباشرة في العراق وأفغانستان فقط، وتشريد نحو 4.5 ملايين آخرين، بحسب صحيفة بريطانية.
وذكرت صحيفة "ذا إندبندنت" في عددها الصادر أمس الأحد: أن حصيلة قتلى الحرب -التي أطلقها الرئيس جورج بوش بغزوه أفغانستان في أكتوبر 2001- في أفغانستان بلغت حتى السبت ما يتراوح بين 4541 و5308 مدنيين، فضلاً عن 285 عسكريًّا، وذلك في عمليات للقوات التي تقودها الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي (الناتو) والعمليات التي يقوم بها في المقابل مقاتلون (من حركة طالبان بصفة رئيسية) ضد القوات الأجنبية والحكومة الأفغانية الموالية للغرب.
ولم تضمن الإحصائيات أعداد الذين ماتوا في معسكرات اللاجئين أو الذين توفوا متأثرين بجراحهم في عمليات، وتقدر الصحيفة البريطانية أعداد هؤلاء بما يتراوح بين 8 و20 ألف شخص على الأقل.
في العراق
أما في العراق التي أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش أنها الجبهة الرئيسية في الحرب على الإرهاب فكانت الأرقام أضخم بكثير -حسبما نقلت الصحيفة عن منظمة "عراق بودي كاونت" وهي منظمة تضم أكاديميين بريطانيين وأمريكيين- إذ قتل نحو 50 ألفًا ومائة مدني و2899 عسكريًّا. كما قتل 4081 شخصًا في "أعمال إرهابية" في باقي أنحاء العالم.
غير أن "ذا إندبندنت" قالت: إن إجمالي عدد القتلى العراقيين قد يصل إلى 180 ألف شخص إذا ما تم حصر عدد قتلى المقاومة العراقية أو المصابين الذين لقوا حتفهم فيما بعد.
وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق قالت قبل عدة أشهر: إن قرابة 200 ألف من السنة فقط قتلوا منذ الغزو الأمريكي للعراق.
وتقول الصحيفة البريطانية: إنه منذ حوالي عامين ونصف كانت منظمة "عراق بودي كاونت" تقدر عدد القتلى المدنيين بالعراق بأكثر من 10 آلاف شخص، أما الآن فالرقم يدور حول 50 ألفًا؛ نظرًا لتزايد "الأعمال الإرهابية وانحسار سلطة الحكومة".
وتستند إحصائيات "عراق بودي كاونت" إلى طرق تعتمد على تسجيل أعداد القتلى الذين ذكروا في تقارير بوسيلتين إعلاميتين مستقلتين على الأقل، وهو الأمر الذي جعل تقديراتها "أقل من الواقع" على حد ذكر الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن إحدى وسائل الإعلام الأمريكية قدرت عدد القتلى في صفوف المقاومة بنحو 36 ألفًا منذ الغزو في عام 2003، فيما يظل عدد قتلى العسكريين العراقيين أثناء الغزو غير معروف ولا سبيل لمعرفته على حد قولها.
كما تشير إلى تقرير أعد في مارس 2006 من قبل إحدى المنظمات الحقوقية ذكر أن نحو 18 ألف طبيب عراقي تركوا الخدمة منذ عام 2003، فيما قتل 65 منهم، فضلاً عن اختفاء 250 طبيبًا اختطفوا في عام 2005.
وأوضح التقرير أيضًا أن الظروف بالعراق أصبحت مهيأة أكثر من أي وقت مضى لانتشار أمراض، مثل الإسهال وأمراض التنفس المسببة لنحو 70% من وفيات الأطفال.
وفي مايو الماضي ذكر مسح أجرته الحكومة العراقية بالتعاون مع اليونسيف أن نحو 25% من أطفال العراق يعانون من سوء التغذية.
وتلفت الصحيفة إلى أن تلك الإحصاءات التي نشرتها جاءت عبر مسح أجراه مركز للأبحاث تابع لها بمناسبة حلول الذكرى الخامسة لأحداث تفجيرات الـ11 من سبتمبر، حيث تم تجميع بياناته من ساحات الصراع في مناطق مختلفة بدءًا من هجمات بالي ولندن وانتهاء بتفجيرات في باكستان والعراق وأفغانستان التي مزقتهما الحرب.
كما ذكرت أنها استخدمت بيانات جديدة وغير منشورة معدة من قبل أكاديميين ومنظمات مثل منظمة عراق بودي كاونت ومارك هيرولد الأستاذ بجامعة نيو هامبشير، بالإضافة إلى العديد من الدراسات الرسمية.
أعداد النازحين
وفيما يتعلق بأعداد النازحين واللاجئين بسبب الحرب فقد اتسمت -بحسب الصحيفة- بالدقة. ففي يوليو الماضي ذكرت اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين أن نحو 2.2 مليون أفغاني قد لجئوا للخارج، فضلاً عن نزوح نحو 153 ألف شخص.
وفي العراق هناك 888.7 ألف لاجئ خارج البلاد ونحو 1.3 مليون نازح داخل العراق. كما ترك نحو 40% من الأسر المتوسطة العراقية بلادهم.
وبحسب الصحيفة فإن تلك النتائج "تُعَدّ المحاولة الأولى لإحصاء حجم الدماء والأموال التي فقدت خلال ما وصفته بالصراعات العسكرية والوحشية منذ بدئها في سبتمبر 2001 التي أطلقت بعدها الولايات المتحدة ما أسمته الحرب على الإرهاب، وبدأتها بغزو أفغانستان في أكتوبر 2001، ثم غزو العراق في مارس 2003".
تكاليف باهظة
وبجانب الدماء التي سالت في تلك الحرب المزعومة كانت هناك الأموال التي أهدرت، حيث تشير الصحيفة في هذا السياق إلى أن الكونجرس الأمريكي أعلن في يوليو الماضي أن إجمالي المبالغ التي تم تخصيصها وإنفاقها على الحرب على الإرهاب تقدر بنحو 437 مليار دولار.
وتلمح الصحيفة إلى أن هذا المبلغ أكبر من المبلغ الذي جرى إنفاقه في حربي الولايات المتحدة في كوريا وفيتنام. وتضيف الصحيفة أن الحكومة البريطانية أنفقت 4.5 مليارات جنيه إسترليني (8.4 مليارات دولار) في العراق وأفغانستان.
ورغم حجم الأموال والدماء التي فقدت في تلك الحرب فإن الولايات المتحدة ما زالت غير آمنة حتى الآن على حد قول الرئيس الأمريكي الذي قال في خطاب ألقاه الثلاثاء 5-9-2006: إنه بعد مرور 5 أعوام على هجمات 11 من سبتمبر "أصبحت أمريكا أكثر أمنًا، لكننا لسنا آمنين حتى الآن تمامًا"..